الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
والثانى أن له في نفسه صفة بها تتم له الأفعال الخارقة للعادات كما أن لنا صفة بها تتم الحركات المقرونة بإرادتنا وباختيارنا وهى القدرة وإن كانت القدرة والمقدور جميعا من فعل الله تعالى.والثالث أن له صفة بها يبصر الملائكة ويشاهدهم كما أن للبصر صفة بها يفارق الأعمى حتى يدرك بها المبصرات.والرابع أن له صفة بها يدرك ما سيكون في الغيب إما في اليقظة أو في المنام إذ بها يطالع اللوح المحفوظ فيرى ما فيه من الغيب فهذه كمالات وصفات يعلم ثبوتها للأنبياء وبعلم انقسام كل واحد منها إلى أقسام وربما يمكننا أن نقسمها إلى أربعين وإلى خمسين وإلى ستين ويمكننا أيضا أن نتكلف تقسيمها إلى ستة وأربعين بحيث تقع الرؤيا الصحيحة جزءا واحدا من جملتها ولكن تعيين طريق واحد من طرق التقسيمات الممكنة لا يمكن إلا بظن وتخمين فلا ندرى تحقيقا أنه الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا وإنما المعلوم مجامع الصفات التي بها تتم النبوة وأصل انقسامها وذلك لا يرشدنا إلى معرفة علة التقدير فكذلك نعلم أن الفقراء لهم درجات كما سبق فأما لم كان هذا الفقير الحريص مثلا على نصف سدس درجة الفقير الزاهد حتى لم يبق له التقدم بأكثر من أربعين سنة إلى الجنة واقتضى ذلك التقدم بخمسمائة عام فليس في قوة البشر غير الأنبياء الوقوف على ذلك إلا بنوع من التخمين ولا وثوق به والغرض التنبيه على منهاج التقدير في أمثال هذه الأمور فإن الضعيف الإيمان قد يظن أن ذلك يجرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الاتفاق وحاشا منصب النبوة عن ذلك ولنرجع إلى نقل الأخبار فقد قال صلى الله عليه وسلم أيضا خير هذه الأمة فقراؤها وأسرعها تضجعا في الجنة ضعفاؤها حديث خير الأمة فقراؤها وأسرعها تضجعا في الجنة ضعفاؤها لم أجد له أصلا وقال صلى الله عليه وسلم إن لى حرفتين اثنتين فمن أحبهما فقد أحبنى ومن أبغضهما فقد ابغضنى الفقر والجهاد حديث إن لى حرفتين اثنتين الحديث وفيه الفقر والجهاد لم أجد له أصلا وروى أن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول أنحب أن أجعل هذه الجبال ذهبا حديث أن جبريل نزل فقال إن الله يقرأ عليك السلام ويقول أتحب أن أجعل هذه الجبال ذهبا الحديث.وفيه إن الدنيا دار من لا دار له الحديث هذا ملفق من حديثين فروى الترمذى من حديث أبى أمامة عرض على ربى ليجعل لى بطحاء مكة ذهبا قلت لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما الحديث وقال حسن.ولأحمد من حديث عائشة الدنيا دار من لا دار له الحديث وقد تقدم في ذم الدنيا.وتكون معك أينما كنت فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا جبريل إن الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له فقال له جبريل يا محمد ثبتك الله بالقول الثابت.وروى أن المسيح صلى الله عليه وسلم مر في سياحته برجل نائم ملتف في عباءة فأيقظه وقال يا نائم قم فاذكر الله تعالى فقال ما تريد منى إني قد تركت الدنيا لأهلها فقال له قم إذن يا حبيبى.ومر موسى صلى الله عليه وسلم برجل نائم على التراب وتحت رأسه لبنة ووجهه ولحيته في التراب وهو متزر بعباءة فقال يا رب عبدك هذا في الدنيا ضائع فأوحى الله تعالى إليه يا موسى أما علمت أنى إذا نظرت إلى عبد بوجهى كله زويت عنه الدنيا كلها.وعن أبي رافع أنه قال ورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فلم يجد عنده ما يصلحه فأرسلى إلى رجل من يهود خيبر وقال قل له يقول لك محمدا سلفنى أو بعنى دقيقا إلى هلال رجب قال فأتيته فقال لا والله إلا برهن فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال أما والله إنى لأمين في أهل السماء أمين في أهل الأرض ولو باعنى أو أسلفنى لأديت إليه اذهب بدرعى هذا إليه فارهنه فلما خرجت نزلت هذه الآية ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا حديث أبي رافع ورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فلم يجد عنده ما يصلحه فأرسلنى إلى رجل من يهود خيبر الحديث في نزول قوله تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} أخرجه الطبرانى بسند ضعيف الآية وهذه الآية تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم الفقر أزين بالمؤمن من العذار الحسن على خد الفرس حديث الفقر أزين بالمؤمن من العذار الحسن على خد الفرس رواه الطبرانى من حديث شداد بن أوس بسند ضعيف والمعروف أنه من كلام عبد الرحمن بن زياد بن أنعم رواه ابن عدى في الكامل هكذا وقال صلى الله عليه وسلم من أصبح منكم معافى في جسمه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها حديث من أصبح منكم معافى في جسمه الحديث أخرجه الترمذى وقد تقدم.وقال كعب الأحبار قال الله تعالى لموسى عليه السلام يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين.وقال عطاء الخراسانى مر نبى من الأنبياء بساحل فإذا هو برجل يصطاد حيتانا فقال بسم الله وألقى الشبكة فلم يخرج فيها شيء ثم مر بآخر فقال باسم الشيطان وألقى شبكته فخرج فيها من الحيتان ما كان يتقاعس من كثرتها.فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا رب ما هذا وقد علمت أن كل ذلك بيدك فقال الله تعالى للملائكة اكشفوا لعبدى عن منزلتيهما فلما رأى ما أعد الله تعالى لهذا من الكرامة ولذاك من الهوان قال رضيت يا رب.وقال نبينا صلى الله عليه وسلم اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت اكثر أهلها الأغنياء والنساء وفى لفظ آخر فقلت اين الأغنياء حبسهم الجد وفى حديث آخر فرأيت أكثر أهل النار النساء فقلت ما شأنهن فقيل شغلهن الأحمران الذهب والزعفران حديث اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء الحديث تقدم في آداب النكاح مع الزيادة التي في آخره وقال صلى الله عليه وسلم تحفة المؤمن في الدنيا الفقر حديث تحفة المؤمن في الدنيا الفقر رواه محمد بن خفيف الشيرازى في شرف الفقر وأبو منصور الديلمى في مسند الفردوس من حديث معاذ بن جبل بسند لا بأس به ورواه أبو منصور أيضا فيه من حديث ابن عمر بسند ضعيف جدا وفى الخبر آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملكه وآخر أصحابى دخولا الجنة عبد الرحمن بن عوف لأجل غناه حديث آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان الحديث تقدم وهو في الأوسط للطبرانى بإسناد فرد وفيه نكارة وفى حديث آخر رأيته يدخل الجنة زحفا حديث رأيته يعنى عبد الرحمن بن عوف دخل الجنة زحفا تقدم وهو ضعيف.وقال المسيح صلى الله عليه وسلم بشدة يدخل الغنى الجنة.وفى خبر آخر عن أهل البيت رضى الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا أحب الله عبدا ابتلاه فإذا أحبه الحب البالغ اقتناه قيل وما اقتناه قال لم يترك له أهلا ولا مالا حديث إذا أحب الله عبدا ابتلاه الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي عتبة الخولاني.وفى الخبر إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته حديث إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من رواية مكحول عن أبي الدرداء ولم يسمع منه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام فذكره بزيادة في أوله ورواه أبو نعيم في الحلية من قول كعب الأحبار غير مرفوع بإسناد ضعيف.وقال موسى عليه السلام يا رب من أحباؤك من خلقك حتى أحبهم لأجلك فقال كل فقير فقير فيمكن أن يكون الثانى للتوكيد ويمكن أن يراد به الشديد الضر.وقال المسيح صلوات الله عليه وسلامه إنى لأحب المسكنة وأبغض النعماء وكان أحب الأسامى إليه صلوات الله عليه أن يقال له يا مسكين ولما قالت سادات العرب واغنياؤهم للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا يوما ولهم يوما يجيئون إليك ولا نجيء ونجيء إليك ولا يجيئون بعنون بذلك الفقراء مثل بلال وسلمان وصهيب وأبي ذر وخباب بن الأرت وعمار بن ياسر وأبى هريرة وأصحاب الصفة من الفقراء رضى الله عنهم أجمعين أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك وذلك لأنهم شكوا إليه التأذى برائحتهم وكان لباس القوم الصوف في شدة الحر فإذا عرقوا فاحت الروائح من ثيابهم فاشتد ذلك على الأغنياء منهم الأقرع بن حابس التميمى وعيينة بن حصن الفزاري وعباس بن مرداس السلمى وغيرهم فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يجمعهم وإياهم مجلس واحد فنزل عليه قوله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم} يعنى الفقراء {تريد زينة الحياة الدنيا} يعنى الأغنياء {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} يعنى الأغنياء إلى قوله تعالى: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} حديث قال سادات العرب وأغنياؤهم للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا يوما ولهم يوما الحديث في نزول قوله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} الآية تقدم من حديث خباب وليس فيه أنه كان لباسهم الصوف ويفوح ريحهم إذا عرفوا وهذه الزيادة من حديث سلمان الآية.واستأذن ابن أم مكتوم على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده رجل من أشراف قريش فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى} يعنى ابن مكتوم {أما من استغنى فأنت له تصدى} حديث استئذان ابن أم مكتوم على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده رجل من أشراف قريش ونزول قوله تعالى: {عبس وتولى} أخرجه الترمذي من حديث عائشة وقال غريب قلت ورجاله رجال الصحيح يعنى هذا الشريف.وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يؤتى بالعبد يوم القيامة فيعتذر الله تعالى إليه كما يعتذر الرجل للرجل في الدنيا فيقول وعزتى وجلالى ما زويت الدنيا عنك لهوانك على ولكن لما أعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدى إلى هذه الصفوف فمن أطعمك في أو كساك في يريد بذلك وجهى فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قد ألجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل ذلك به فيأخذ بيده ويدخله الجنة حديث يؤتى بالعبد يوم القيامة فيعتذر الله إليه كما يعتذر الرجل إلى الرجل في الدنيا فيقول وعزتي وجلالي ما زويت عنك الدنيا لهرناك على الحديث أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث أنس بإسناد ضعيف يقول الله عز وجل يوم القيامة أدنوا منى أحبائي فتقول الملائكة ومن أحباؤك فيقول فقراء المسلمين فيدنون منه فيقول أما إني لم أزو الدنيا عنكم لهوان كان بكم علي ولاكن أردت بذلك أن أضعف لكم كرامتي اليوم فتمنوا على ماشئتم اليوم الحديث دون آخر الحديث وأما أول الحديث فرواه أبو نعيم في الحلية وسيأتي في الحديث الذي بعده.وقال عليه السلام أكثروا معرفة الفقراء واتخذوا عندهم الأيادى فإن لهم دولة قالوا يا رسول الله وما دولتهم قال إذا كان يوم القيامة قيل لهم انظروا من أطعمكم كسرة أو سقاكم شربة أو كساكم ثوبا فخذوا بيده ثم امضوا به إلى الجنة حديث أكثروا معرفة الفقراء واتخذوا عندهم الأيادي فإن لهم دولة الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث الحسين بن علي بسند ضعيف اتخذوا عند الفقراء أيادي فإن لهم دولة يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة نادى مناد سيروا إلى الفقراء فيعتذر إليهم كما يعتذر أحدكم إلى أخيه في الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فسمعت حركة أمامى فنظرت فإذا بلال ونظرت في أعلاها فإذا فقراء أمتى وأولادهم ونظرت في أسفلها فإذا فيه من الأغنياء والنساء قليل فقلت يا رب ما شأنهم قال أما النساء فأضربهن الأحمران الذهب والحرير وأما الأغنياء فاشتغلوا بطول الحساب وتفقدت أصحابى فلم أر عبد الرحمن بن عوف ثم جاءنى بعد ذلك وهو يبكى فقلت ما خلفك عنى قال يا رسول الله والله ما وصلت إليك حتى لقيت المشيبات وظننت أنى لا أراك فقلت ولم قال كنت أحاسب بمالى حديث دخلت الجنة فسمعت حركة أمامي فنظرت فإذا بلال ونظرت إلى أعلاها فإذا فقراء أمتى وأولادهم الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة بسند ضعيف نحوه وقصه بلال في الصحيح من طريق آخر فانظر إلى هذا وعبد الرحمن صاحب السابقة العظيمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من العشرة المخصوصين بأنهم من أهل الجنة حديث إن عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المخصوصين بأنهم من أهل الجنة رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث سعيد بن زيد قال الترمذي حسن صحيح وهو من الأغنياء الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من قال بالمال هكذا وهكذا حديث إلا من قال بالمال هكذا وهكذا متفق عليه من حديث أبي ذر في أثناء حديث تقدم ومع هذا فقد استضر بالغنى إلى هذا الحد.ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل فقير فلم ير له شيئا فقال لو قسم نور هذا على أهل الأرض لوسعهم حديث دخل على رجل فقير ولم ير له شيئا فقال لو قسم نور هذا على أهل الأرض لوسعهم لم أجده.
|